يا أخي الكريم، أنت تقول أن القرآن مفسّر، وأن الله هو الذي فسّره، وأننا لسنا بحاجة لمفسرين ولا علماء.
حسناً، سآتي معك، فسّر لي إذاً، قوله تعالى (والنازعات غرقا) إشرح لي وقُص عليّ قصة (أصحاب الفيل)؟ هل ذكر الله تفصيل قصة أصحاب الفيل في القرآن، أو قصة يوسف أو قصة أصحاب الكهف؟
ثم أين نجد اسم ونسبة وعشيرة رسول الله، واسم زوجاته وسيرته النبوية في القرآن الكريم؟
في القرآن كله لا توجد هذه التفاصيل!!
يا أخي الكريم، أرجو أن تُركّز قليلاً فيما سأقوله، أولاً، يجب عليك أن تعلم ماذا يريد الله منك، يجب عليك أن تعلم بماذا أمرك الله، يعني أنت كمسلم، ما هو المطلوب منك في هذه الدنيا، ما هو المطلوب منك أن تتدبره من كتاب الله وما هو الشيء الذي عليك أن تفهمه، عندما يخبرنا الله أن القرآن مُفصّل وميسّر، ما هو الشيء الذي فِعلُه يستوجب الجنة أو النار؟
يا أخي الكريم، ما يريده الله منك، هو أن تعلم الحلال والحرام، وآيات الحلال والحرام موضّحة ومفصّلة ومفسّرة ولا تحتاج لرجال دين يفسروها لنا، الله سبحانه وتعالى لن يحاسبك على عدم معرفتك بتفسير الآيات الكونية ومثيلاتها، ولن يدخلك النار لأنك لم تعلم تفسير قصة أصحاب الفيل، يعني يوم القيامة لن يقول الله لك: أُدخل جهنم لأنك لم تعلم بقصة أصحاب الفيل!! فلو أراد الله ذلك لبيّنه لنا في القرآن "هذا أولاً" ولفسّر لنا قصة أصحاب الفيل في كتابه بالتفصيل "هذا ثانياً" لأنه طالما أمرنا بشيء، فمن الطبيعي والمنطقي أن يبينه هو لنا، فلا يطالبنا بشيء لم يُبيّنه لنا ثم يأتي يوم القيامة ليحاسبنا عليه! لأن هذا ليس من العدل، والله هو العدل.
الله لم يطلب منك معرفة سيرة رسوله وزوجاته حتى يدخلك الجنة، وأنك إذا لم تعرف هذه السيرة ستدخل النار! هذه كلها تبقى للتاريخ ونأخذ منها العِبَر والدروس والفائدة، سيرة الرسول والقصص القرآنية مليئة بكتب التاريخ، فتستطيع قرائتها متى شئت، فأنت لست مطالب بها.
أنت مطالب بإلتزامك الصراط المستقيم، والصراط المستقيم هو تجنّب المحرّمات وفعل الخيرات، وقد فسّره الله لنا في كتابه، وليس في أي كتاب آخر.
هااا أول مرة أعرف هذا الشيء! ما دليلك عليه؟
ما أمرني به الله، قد ذكره لي في كتابه، وكتاب الله بين يديك، أوجد لي آية واحدة يأمرني ويطالبني بها الله بتفسير أو تدبّر القصص القرآني أو الآيات الكونية أو السيرة النبوية، وأن من لا يتدبر ويفهم هذه الآيات سيدخله في النار.
لكن الله يقول (لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة)!
يا أخي الكريم، لو قرأت الآيات التي قبلها، لفهمت المعنى، الآية تتحدث عن الحرب وأهوالها، وكيف كان هناك خوف ورعب في نفوس بعض المقاتلين، فأنزل الله قوله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) لتشجيعهم ورفع الروح المعنوية لديهم.
أما إذا أردنا أن نفسّرها في العموم، فهي تُفسّر نفسها بنفسها، فالله يقول (لقد كان لكم في 👈رسول👉 الله) ولم يقل في نبي الله، فالرسول هو صاحب رسالة إلهية وكل توصياته وتعليماته جاءنا بها في القرآن.
أما عن تفسير الآيات الكونية، فتستطيع أن تقرأ ما يحلو لك من كتب التفاسير الخاصة بها.