هناك نوع من الأشخاص جعلوا من مراقبتك ونقدك مهمة يومية أو شبه يومية، يتابعون كل ما تنشره، يلاحقون حتى تعليقاتك، يتتبّعون أخطاءك، وينتظرون أي فرصة للهجوم عليك. ليس لأنهم يملكون رأيًا قيّمًا أو نقدًا بنّاء، بل لأنهم لا يستطيعون تجاهلك، فأنت تشغل تفكيرهم أكثر مما يشغلهم تطوير أنفسهم. دون أن يدركوا، هم يعترفون بتأثيرك عليهم، فلو لم تكن مهمًّا لما أضاعوا وقتهم في متابعتك.
يراقبونك وينتقدونك لأنك تمضي للأمام بينما هم عالقون في أماكنهم. الشخص الناجح والمستقل يثير فضول من لا يملك رؤية خاصة به، فيبدأ بمراقبته، ليس إعجابًا، بل بحثًا عن أي زلة يمكن أن يستخدمها للهجوم.
لكن الحقيقة أنهم لا يهاجمونك لأنك مخطئ، بل لأنك مختلف، لأنك تملك الجرأة للتعبير عن نفسك بينما هم مجرد متفرجين على حياتك.
هي محاولة لتعويض النقص لا أكثر، فهؤلاء لا يسعون لإثبات أنهم على حق، بل يسعون لجرِّك للرد عليهم، لأن ذلك يمنحهم إعلانًا مجانيًا وشهرة لم يكونوا ليحصلوا عليها وحدهم.
لو تجاهلتهم، سيبقون في هامش المشهد، لكن بمجرد أن ترد عليهم، ستضعهم تحت الأضواء التي لا يستطيعون الوصول إليها بأنفسهم. إنهم يدركون أن الحديث عنك يلفت الانتباه، بينما الحديث عن أنفسهم وأفكارهم لا يجذب أحدًا، وهذا اعتراف غير مباشر بأنك أكثر أهمية وتأثيرًا منهم.
ثق بنفسك يا صديقي، فأنت في المقدمة، وهم في الخلف. أكبر عقوبة لهؤلاء ليست الرد عليهم، بل تجاهلهم التام.
فأنت تمضي في طريقك، تحقق أهدافك، بينما هم يضيعون وقتهم في ملاحقتك، دون أن يدركوا أنهم يستنزفون وقتهم وجهدهم عليك، في حين أنك لا تُعيرهم أي اهتمام. فاستمر ولا تلتفت. لا شيء يزعج المراقبين الناقدين أكثر من أن تراهم ولا تراهم في الوقت ذاته، أن تدرك وجودهم ولكنك لا تمنحهم قيمة. دعهم يتحدثون، لأنهم يعلمون أن اسمك يجذب الانتباه، أما أسماؤهم وحدها فلا تهم أحدًا.
لهذا، أفضل رد هو أن تبقى في المقدمة، وتتركهم في الخلف حيث ينتمون ولا تلتفت لهم، فأنت تكتب نجاحك، بينما هم مجرد هوامش على الطريق.