يقول تعالى: ﴿قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَوٰاْ ۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ﴾.
ما هو الربا؟ وهل التعامل مع البنوك محرّم؟
تعريف الربا في القرآن:
الربا (كما جاء في كتاب الله) هو الزيادة المالية الربحية على رأس المال.
وقد أحلّ الله هذه الزيادة في حالة واحدة فقط: عندما تكون ناتجة عن عملية بيع (تجارة)، وبشرط ألّا تتحول إلى أرباح متضاعفة أضعافًا مضاعفة.
يقول تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضْعَٰفًا مُّضَٰعَفَةً﴾.
أي لا تجعلوا أرباحكم متزايدة بنسب متضاعفة بشكل مستمر، فإن حدث ذلك صار الربح ربًا محرّمًا.
مواضع ذكر الربا في القرآن:
يظهر مفهوم الربا في ثلاثة سياقات أساسية:
- 1. في التعاملات التجارية (البيع).
- 2. في التعامل مع مستحقي الصدقات.
- 3. في القروض (أموال الناس).
أولًا: الربا في التعاملات التجارية (البيع):
في التجارة، يتم الاتفاق بين جميع الأطراف بالتراضي، وقد يحقق رأس المال ربحًا أو قد يتعرض لخسارة.
الربح الناتج عن بيع سلعة محددة هو ربح طبيعي، لأنه ليس متزايدًا بشكل متضاعف. لذلك جاء رد الله على الذين شبّهوا البيع بالربا:
- الزيادة الناتجة عن البيع حلال.
- أما المضاعفة المستمرة للأرباح فهي ربا محرّم، لأنها ليست بيعًا بل استغلالًا ماليًا.
ثانيًا: الربا مع مستحقي الصدقات:
الله حذّر هنا بصرامة وقال: ﴿يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ﴾.
أي أن كل ربا يُؤخذ من شخص مستحق للصدقة سيمحقه الله.
- مستحق الصدقة شخص فقير، لا مصدر دخل له.
- فرض الله له حقًّا في أموالنا من خلال الصدقات الفردية أو من خلال الزكاة التي تجمعها الدولة.
كيف نُقرض إنسانًا له حق في أموالنا أصلاً ولم ننفق عليه صدقته الواجبة؟ الله يذكّرنا أن الرزق الذي نملكه هو وديعة عندنا.
يقول تعالى: ﴿فَـَٔاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ ۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ﴾.
ثالثًا: الربا في القروض (أموال الناس):
يقول تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَاْ فِىٓ أَمْوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ ۖ وَمَآ ءَاتَيْتُم مِّن زَكَوٰةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ﴾.
- أي قرض يُعطى لشخص (حتى لو كان قادرًا على السداد) ويُشترط عليه زيادة مالية، فهو ربا محرّم.
- الله لن يبارك هذه الزيادة، بل ستمحق كما في الآية السابقة.
أما الصدقات والزكاة: فهي القرض الحسن الذي وعدنا الله أن يضاعفه لنا.
كيفية ترك الربا:
يقول تعالى: ﴿وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.
- لك الحق في رأس مالك فقط دون أي زيادة.
- وإن كان المدين معسرًا، يجب منحه مهلة حتى تتحسن ظروفه.
- ومن تصدّق على المدين وأسقط عنه الدين، فذلك خير له.
هل التعامل مع البنوك محرّم؟
البنوك هي مؤسسات مالية تدير الأموال عبر الإقراض والاستثمار لصالح المجتمع. هناك حالتان للتعامل معها:
1- إيداع الأموال مع فائدة ثابتة
- عند إيداع المال في البنك، فإنك توكله لاستثمار أموالك بشكل آمن.
- الفائدة الثابتة على رأس المال ليست ربا، طالما لم تتحول إلى أضعاف مضاعفة.
- الفوائد البنكية عادةً ليست متضاعفة، لذا فهي حلال وفق تحليل الآيات.
2- الاقتراض من البنك
- إذا اقترضت لتمويل مشروع مدروس، فالأمر يعد اتفاقًا تجاريًا، وليس ربًا، طالما أن البنك لا يفرض نسبًا متضاعفة.
- إن فشل المشروع وأعسر المقترض، فعلى البنك أن يتوقف عن احتساب الفوائد، وينتظر حتى تتحسن ظروف المقترض، أو يتفق معه على تسوية عادلة.
الخلاصة:
- أي زيادة على القروض (أموال الناس) هي ربا محرّم.
- أي إقراض لشخص مستحق للصدقات مع زيادة فهو ربا محرّم.
- أي زيادة على رأس المال من بيع (تجارة) هي حلال، طالما لا تتحول إلى أرباح متضاعفة مستمرة.