أنت كمسلم مطالب بتعطيل عقلك فيما يتعلق بأمور الدين، وعليك أن تأخذ دينك بالنقل وليس بالعقل.
هذه هي القاعدة الرئيسية التي "أجمع" عليها رجال الدين.
من يقوم بتشغيل عقله لاستنباط أحكام الله وتدبر آياته، قد يُتهم بالكفر والزندقة.
وكأن القرآن نزل على رجال الدين فقط، وهم المعنيون الوحيدون بتدبر كلام الله وتفسيره ومن ثم تقديمه لعامة المسلمين.
فلو كان الأمر كذلك، لمنحهم الله عقولاً دون سواهم، ولأمَرَنا الله بإتباعهم!
وقد حذرونا من تدبر كتاب الله وتفسيره منفردين دون الرجوع إليهم، باعتبارهم المرجع الأساسي للدين!
لا أعلم من الذي نصّبهم وكلاء عن الله ويتحدثون باسمه!
ولا أعلم من أين جاءوا لنا بمصطلح أجمع العلماء واتفق العلماء، ومن الذي أعطاهم الحق للتحدث باسم جميع المسلمين!
إذًا، علينا أن نُعطّل عقولنا أمام الدين ونكتفي بالنقل، لأننا بتعطيل العقول سنبقى تابعين لهم، وسنلّجأ إليهم بكل صغيرة وكبيرة، وسيتحكمون بكل تفاصيل حياتنا، وبتشغيل العقول سيسقطون ويسقط معهم تراثهم.
حسنًا، إذا كان الدين بالنقل وليس بالعقل، فعلى هذا، كان من الواجب على نبينا إبراهيم أن يعبد الأصنام الذي هو دين آبائه، لأن هذا الدين هو ما وَجَد عليه آبائه، يعني وصَلَهُ بالنقل، لكنهُ لم يقتنع بدين آبائه، لأن عقله لم يستوعب ما يقوم به قومه، فنبذ عبادة الأصنام وذَهَبَ ليجد ربَّهُ بعيداً عن عبادة الأصنام، كما أخبرنا الله بقصتهِ في سورة الأنعام (74-79).
إذا كان الدين بالنقل، فعلى هذا من يعبد الأصنام والشمس والبقر، كلهم على حق لأن دينهم وصلهم بالنقل من أسلافهم، فهم أيضاً عطّلوا عقولهم واكتفوا بالنقل من أسلافهم كما أخبرهم كهنتم أيضاً، وكل فئة من هؤلاء الكهنة لديها أدلتها التي أقنعوا بها تابعيهم وحذروهم من التفكّر في الدين، كما هو الحاصل معنا!
السؤال هو:
هل كان نبينا إبراهيم مخطئ أم مصيب بتشغيل عقله ونبذ دين آبائه؟
من يقول إنه مخطئ، فقد ضلّ ضلالاً بعيدا.
ومن يقول إنه مصيب، فقد سقطت بذلك نظرية رجال الدين بتقديم النقل على العقل.
فالأنبياء هم قدوتنا وليس كهنة الدين، والقرآن هو مرجعنا ومصدر الدين الوحيد وليست كتب التراث.
في الكثير من الآيات، يخاطبنا الله ويطالبنا بتشغيل عقولنا بما يقارب خمسين مرة.
بل إنه أخبرنا أن عدم تشغيل العقل والعمل به، سيكون سبباً في دخول النار.
يقول تعالى: ﴿وَقَالُوا۟ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىٓ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ الملك [10]
وفي آية أخرى: ﴿وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ يونس [100]
وعندما نذكر هذا الرقم (50 مرة) فعلينا أن نستيقظ من سباتنا، ونعي ونفهم جيداً أن الله يريد منّا تشغيل عقولنا، لأنه سيحاسبنا على فهمنا نحن، وليس بما فهم رجال الدين، وسيحاسبنا فرادى، ولن تكون لدينا حجة بأن الكهنة أضلونا عن الصراط المستقيم.
لأن الله سيقول لنا ﴿أَلَمْ تَكُنْ ءَايَٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ المؤمنون [105]
فلن ينفعنا سادتنا ولا كبرائنا، فالكل سيتبرّئ منّا.
الخلاصة:
اعمل بعقلك، واحذر من تعطيله، فالذي سينفعك هو تدبرك لكتاب الله والعمل به، ولن تستطيع تدبر كتاب الله إلّا إذا كان عقلك في وضع التشغيل، ولن ينفعك اتباعك للشيخ العلّامة ولا العالِم الفهّامة، لأنهم يوم القيامة سيتبرأون منك، كما أخبرك الله بذلك.