أنت كمسلم مطالب بتعطيل عقلك فيما يتعلق بأمور الدين، وعليك أن تأخذ دينك بالنقل وليس بالعقل.

هذه هي القاعدة الرئيسية التي "أجمع" عليها رجال الدين.

من يقوم بتشغيل عقله لاستنباط أحكام الله وتدبر آياته، قد يُتهم بالكفر والزندقة. وكأن القرآن نزل على رجال الدين فقط، وهم المعنيون الوحيدون بتدبر كلام الله وتفسيره ومن ثم تقديمه لعامة المسلمين. فلو كان الأمر كذلك، لمنحهم الله عقولاً دون سواهم، ولأمَرَنا الله بإتباعهم!

إذًا، علينا أن نُعطّل عقولنا أمام الدين ونكتفي بالنقل، لأننا بتعطيل العقول سنبقى تابعين لهم، وسنلّجأ إليهم بكل صغيرة وكبيرة، وسيتحكمون بكل تفاصيل حياتنا، وبتشغيل العقول سيسقطون ويسقط معهم تراثهم.

حسنًا، إذا كان الدين بالنقل وليس بالعقل، فعلى هذا، كان من الواجب على نبينا إبراهيم أن يعبد الأصنام الذي هو دين آبائه، لأن هذا الدين هو ما وَجَد عليه آبائه، يعني وصَلَهُ بالنقل، لكنهُ لم يقتنع بدين آبائه، لأن عقله لم يستوعب ما يقوم به قومه، فنبذ عبادة الأصنام وذَهَبَ ليجد ربَّهُ بعيداً عن عبادة الأصنام، كما أخبرنا الله بقصتهِ في سورة الأنعام.

السؤال هو:

هل كان نبينا إبراهيم مخطئ أم مصيب بتشغيل عقله ونبذ دين آبائه؟

  • ❌ من يقول إنه مخطئ، فقد ضلّ ضلالاً بعيدا.
  • ✅ ومن يقول إنه مصيب، فقد سقطت بذلك نظرية رجال الدين بتقديم النقل على العقل.

فالأنبياء هم قدوتنا وليس كهنة الدين، والقرآن هو مرجعنا ومصدر الدين الوحيد وليست كتب التراث.

في الكثير من الآيات، يخاطبنا الله ويطالبنا بتشغيل عقولنا بما يقارب خمسين مرة.

بل إنه أخبرنا أن عدم تشغيل العقل والعمل به، سيكون سبباً في دخول النار.

ذكر الله في القرآن:

  • ﴿إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (6 مرات)
  • ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (3 مرات)
  • كلمة ﴿يَعْقِلُونَ﴾ (22 مرة)

ودعا إلى عدم تحييده: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ﴾ [الإسراء 36].

وجعل العلم أساس التوحيد: ﴿فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾ [محمد 19].

وشنّع من لا يستخدم عقله:

  • ﴿كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم﴾ [المطففين 14]
  • ﴿أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ [محمد 24]

وأكثر من ذلك، ذمهم ووصفهم بأنهم أضل من الأنعام: ﴿وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ [الأعراف 179].

وبعد كل هذا يطل علينا أحد رجال الدين ليقول لنا: "عقلك كالحمار، عندما تصل إلى الشيخ، اربطه وادخل لتتلقى النقل بلا عقل."

والشيخ الآخر يقول لنا بكل جرأة: "إن تقديم العقل على النقل هو طريقة أهل الضلال."

﴿وَقَالُوا۟ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىٓ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾

[الملك 10]

﴿وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

[يونس 100]

صدق الله وكذب الجاهلون.

وعندما نذكر هذا الرقم (50 مرة) فعلينا أن نستيقظ من سباتنا، ونعي ونفهم جيداً أن الله يريد منّا تشغيل عقولنا، لأنه سيحاسبنا على فهمنا نحن، وليس بما فهم رجال الدين، وسيحاسبنا فرادى.

الخلاصة:

اعمل بعقلك، واحذر من تعطيله، فالذي سينفعك هو تدبرك لكتاب الله والعمل به، ولن تستطيع تدبر كتاب الله إلّا إذا كان عقلك في وضع التشغيل، ولن ينفعك اتباعك للشيخ العلّامة ولا العالِم الفهّامة، لأنهم يوم القيامة سيتبرأون منك، كما أخبرك الله بذلك.

صدق الله وكذب الجاهلون.