❖ رسالة إلى صديقي المتمسك بالتراث الديني.

📅 27 مايو 2025

يعتقد من يتمسّك بالتراث الديني بجميع طوائفهم المتناحرة، بأن القرآن عبارة عن طلاسم غير مفصّل وغير محكم وأحوج للروايات!

بل إن بعضهم ذهب لأبعد من ذلك، حيث أنهم جعلوا الروايات التي يعترفون بأنها "ظنّية" هي وحي من الله يجب اتباعها وبأنها تنسخ (تلغي) آيات من القرآن جملةً وتفصيلاً!

يقول تعالى:

﴿أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَٰبَ مُفَصَّلًا﴾ الأنعام [114]

﴿وَٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلْتَحَدًا﴾ الكهف [27]

يعتقد هؤلاء ممن يتبعون الظنّ، بأن اجماع البشر هو مصدر للتشريع، متناسيين تماماً بأن البشر غير معصومين، وأن اتباعهم وطاعة أقوالهم يُعدّ شركاً صريحاً بالله.

وبسبب تقديم النقل على العقل عندهم وتعطيل عقولهم، هم لا يعلمون لماذا لا يجرؤ أيّاً من شيوخهم بتسمية ما يسمونها "سُنة نبوية" بـ "سُنّة رسولية" ؟

لا يوجد ما يمنع من الاطّلاع على جميع الآراء، لكن المعيار لقبول أي مفهوم أو تأويل هو تطويع الفهم لما يُناسب سياق كلام الله وليس العكس.

فلا يوجد تقديس لا للبشر ولا للحجر.

يعتقد الذين يتّبعون الظنّ، بأن أمر الله في قوله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾محمد [24]

قد انتهت صلاحيته عند وفاة رواتهم فقط، ولا يعلمون أنه أمر من الله قائم إلى يوم القيامة.

هذا ظنهم بالقرآن، لأن القرآن لقوم يعقلون وليس لقوم يجهلون ومقفلون.

يقول تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ۗ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْـًٔا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ البقرة [170]

يعتمد متبعي الظن على تقديس من قبلهم من "علماء" مع أن هؤلاء "العلماء" قد اختلفوا فيما بينهم ولم يتّفقوا!

وهذه نتيجة اتباع الأكثرية دون علم ولا كتاب منير .

فالاجماع هو حجة من لا حجة له.

القرآنيون (كما تسمّونهم) يؤمنون بأن من يكتب شيئاً ويدّعي بأنه من عند الله فالويل كل الويل له يوم القيامة.

يقول تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَٰبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾ البقرة [79]

الروايات التي تتعارض مع القرآن مرفوضة.

الروايات التي تزيد على القرآن مرفوضة.

الروايات التي تتطابق مع القرآن (وهي نادرة جداً) تبقى ظنّية الثبوت، فلماذا يتم الأخذ بها ونحن لدينا الأصل "القرآن" الذي هو قطعي الثبوت!

بل ولا يوجد أمر من الله بالأخذ بها.

يدّعون أننا نكره رسول الله وأنهم هم فقط من يحبه ويتبعه.

الذي يُحبّ رسول الله لا يتقوّل عليه بالبذاءة، ولا بالدمويّة ولا على أهل بيته بالفاحشة (حاشاهم).

الذي يُحبّ الرسول لا يؤذيه بروايات شوّهت أخلاقه وصورته بأسوء صورة، وهو أسوتنا الحسنة.

هناك روايات لا تقبلونها على أنفسكم ولا على أهل بيتكم، فكيف تقبلونها على رسول الله!

يقول تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا﴾الأحزاب [57]

يكذبون على لسان رسول الله بأنه منع كتابة الحديث حتى لا يختلط مع القرآن.

وأجمل ما في القرآن أنه يفضح الكذابين.

ها أنتم تناقضون أنفسكم.

لماذا تخشون على الأحاديث بأن تختلط مع القرآن إن كانت وحي ثاني من عند الله؟

بل إن الله فضح الذين كانوا يدّعون بأنهم يطيعون الرسول، ويقومون بكتابة ما يقول، فقد كانوا يبدلون قوله فور الخروج من عنده.

يقول تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا۟ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ ۖ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا﴾ النساء [81]

كلما حاول أتباع الظنّ بالتضليل والكذب، فإن القرآن يفضحهم.

فدائماً ما يتحججون بقوله تعالى ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُوا۟﴾ الحشر [7]

عندكم استعداد بأن تنشروا بالمنشار الآيات، وتقتصّونها عن سياقها وتلغوا فيها لكي تنتصروا لكهنوتكم، فعندما انتقدت أحاديث في البخاري بأنها تُناقض آيات الله، جاء أحدهم وقال لي: القرآن أيضاً يوجد فيه آيات تناقض بعضها البعض!

تجرّأ على الطعن بالقرآن، فقط من أجل الانتصار لكهنوته!

فالآية التي يتحججون بها (وما آتاكم الرسول فخذوه...) تتحدث عن توزيع الفيئ، وهي تأمر الصحابة بالالتزام بتقسيمة الفيئ وبألّا يعتدوا على حصص غيرهم من الفقراء.

تعتقد جميع فرق الظنّ، بأن الله يلغو في القرآن (حاشا لله)

فوصل بهم الحد بالكذب على الله بقولهم: أن الله أمر بطاعة النبي.

والله لم يذكر آية واحدة في القرآن تأمر بطاعة النبي، بل "طاعة الرسول" فقط.

بالطبع ذلك نابع من جهلهم في الفرق بين مقام النبوة ومقام الرسالة.

يقول تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ ۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ التحريم [1]

في هذه الآية خطاب من الله للنبي لأنه حرّم على نفسه شيئاً لم يُحرّمه الله عليه، فهل فِعل النبي هنا وحي!؟

يكذبون على لسان رسول الله بأنه قال "تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي" .

وهذا كذب وافتراء على رسول الله.

فهناك "3" روايات:

1- كتاب الله وسنتي.

2- كتاب الله وعترتي.

3- كتاب الله.

كل حزب منكم طغى فيها كما يحب ويهوى.

يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا۟ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓا۟ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوٓا۟ أَن يَكْفُرُوا۟ بِهِۦ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا﴾ النساء [60]

يكذبون على لسان رسول الله بأنه قال (يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)

وهذه افتراءات تناقضون بها بعضكم بعضاً.

هل كان عمر بن الخطاب شبعاً متكئًا على أريكته عندما قال لكم: حسبنا كتاب الله؟ (العقل نعمة).

قولون أن أول من ردّ على القرآنيين هو ابن حزم حيث قال: ولو أن امرء قال: لا نأخذ إلّا ما وجدنا في القرآن، لكان كافرا بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلّا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر، لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك.

ما هذا الإجرام من ابن حزم؟ (إن صح عنه القول)

من أي كتاب يدرس؟

يقول تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ ۝ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ۝ أَمْ لَكُمْ كِتَٰبٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ۝ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ۝ أَمْ لَكُمْ أَيْمَٰنٌ عَلَيْنَا بَٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ۝ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ ۝ أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأْتُوا۟ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُوا۟ صَٰدِقِينَ﴾ القلم [35--41]

دائماً يستشهدون بآراء علمائهم وإجماع شيوخهم أكثر من استدلالهم حتى بالأحاديث، عداكم عن استدلالهم بآيات من القرآن (إلّا ما ندر).

اعلموا بأن من تتبعوهم من البشر، سيتبرؤون منكم يوم القيامة.

يقول تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُوا۟ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ وَرَأَوُا۟ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلْأَسْبَابُ ۝ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا۟ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا۟ مِنَّا ۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ ۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ﴾ البقرة [166-167]

بل إنكم ستطلبون من الله الاقتصاص ممن اتبعتموهم لأنهم أضلوكم، لكن لن ينفعكم هذا.

يقول تعالى: ﴿وَقَالُوا۟ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠ ۝ رَبَّنَآ ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ الأحزاب [67]

فإن كنتم تريدون أن تكونوا من المصلحين، فأنصحكم أن تتمسّكوا بكتاب الله، وتتركوا ما ورثتموه من دونه من كتب البشر لكي لا يضيع أجركم.

يقول تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ﴾ الأعراف [170]

وأخيرًا: الله وحده يعلم بما تتقولون عليه وعلى رسوله، وليس عليّ إلّا أن أذكركم بالقرآن فقط، وليس بأي كتاب بشري آخر من الكتب التي تشركونها مع كتاب الله.

يقول تعالى: ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ ق [45]

✦ ✦ ✦