❖ أصحاب القوقعة.

📅 13 مايو 2025

هناك فئة من المسلمين، (تقريبًا أغلبهم) لا يهتمون بتديُّنهم مع الله بقدر اهتمامهم بتديُّن غيرهم مع الله، فتجدهم يُنصّبون أنفسهم وكلاء عن رب العالمين ويمنحون أنفسهم الحق في التدخل بأفعال وأقوال وحياة غيرهم من البشر وينتقدونها إذا لم تعجبهم، لأن هؤلاء "المتقوقعون" جعلوا من أفكارهم التي ورثوها، دستورًا يجب على الجميع الإمتثال له، ولكن إذا انتقد أحداً ما أفكارهم، فإنهم يتطاولون عليهم بالشتائم والتكفير.

هذه النوعية من الناس يعتبرون أنفسهم محور الكون، وهم الوحيدون الذين فهموا الدين.

وبقية الناس عبارة عن جهلة وملحدين ومغيبين وأغبياء ومأجورين وأعداء للدين.

هم فقط من يمتلك الحقيقة.

لكن مشكلتهم أنهم لا يُطوّرون من أفكارهم التي ينتقدون بها كل من يعارضهم، لا يوجد لديهم حداثة، نفس الأفكار ونفس الكلام يكررونه في كل مناسبة.

ففي أعياد رأس السنة والميلاد، تجدهم يعيدون نفس الأسطوانة "لا يجوز الاحتفال بأعياد "الكفّار" .

لا يكتفون بألّا يحتفلوا هم، بل تجدهم يتسوّلون في صفحات غيرهم ويتطفّلون عليهم وينتقدونهم لأنهم يحتفلون أو يُهنّئون أصدقائهم ومعارفهم بأعيادهم، تجدهم انشغلوا بالناس بدلاً من أن ينشغلوا بأنفسهم، همهم الوحيد "التنغيص" عليهم، وبعد أن تنتهي هذه المناسبة، يعودون إلى قوقعتهم بانتظار مناسبة جديدة، كالترحّم على غير المسلم أو الاحتفال بعيد الأم أو عيد الحب وما شابه، ليخرجوا من جديد من قوقعتهم التي وضعهم بها كهنوتهم، ليعيدوا نفس الكلام، "لا يجوز الترّحم على غير المسلم، لا يجوز الاحتفال" .

الجميل في الموضوع أن هذه النوعية "المتطفلين" انشغلوا بالناس وأصبحت حياة البشر هو شغلهم الشاغل، والأجمل أن الناس لا يعيرونهم أي اهتمام، "ولا شايلينهم من أرضهم" فيمضون في حياتهم بسعادة وفرح ويعيشون لحظاتهم الممتعة، ويبقى أصحابنا "المتقوقعون" في حرقة وغليان، فلم يعيشوا حياتهم كما أرادوها، ولم يستطيعوا التأثير على غيرهم بسرقة أفراحهم ومتعتهم.

فما لهم إلّا العودة إلى تلك القوقعة بانتظار مناسبة جديدة.

وتيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جبتي.

أصحاب القوقعة يعيشون في دائرة مغلقة من الانتقاد والتدخل في شؤون الآخرين.

بينما الناس العاديون يستمرون في حياتهم بسلام وسعادة دون الاكتراث لهذه الانتقادات.

الحل هو التركيز على تطوير الذات واحترام خصوصية الآخرين بدلاً من إضاعة الوقت في انتقادهم.

✦ ✦ ✦
حلقة مرئية عن الموضوع